NOWAY المـديـر العـــام
الـجنسـﮯ : عدد المساهماﭞ : 1640 اڷعمر : 30 البلد : في عالم عرب كافيهـ الهواية : ______ المزاج : GOOD النـقاط : 3899 تاريخ التسجيل : 04/04/2009
| موضوع: بداية تجمع الصحابة حول الرسول صلى الله عليه وسلم السبت مايو 01, 2010 6:45 am | |
| وقعت هذه كلها بسرعة هائلة في لحظات خاطفة، وإلا فالمصطفون الأخيار من صحابته صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا في مقدمة صفوف المسلمين عند القتال - لم يكادوا يرون تطور الموقف، أو يسمعون صوته صلى الله عليه وسلم ، حتى أسرعوا إليه؛ لئلا يصل إليه شيء يكرهونه، إلا أنهم وصلوا وقد لقي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ما لقي من الجراحات - وستة من الأنصار قد قتلوا والسابع قد أثبتته الجراحات، وسعد وطلحة يكافحان أشد الكفاح - فلما وصلوا أقاموا حوله سياجاً من أجسادهم وسلاحهم؛ وبالغو في وقايته من ضربات العدو، ورد هجماتهم. وكان أول من رجع إليه هو ثانيه في الغار أبو بكر الصديق رضي اللَّه عنه. بيده لئن أرادوها لأسيرن إليهم فيها، ثم لأناجزنهم. قال علي: فخرجت في آثارهم أنظر ماذا يصنعون، فجنبوا الخيل وامتطوا الإِبل ووجهوا إلى مكة. تفقد القتلى والجرحى: وفرغ الناس لتفقد القتلى والجرحى بعد منصرق قريش، قال زيد بن ثابت: بعثني رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أحد أطلب سعد بن الربيع. فقال لي إن رأيته فأقرئه مني السلام، وقل له يقول لك رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم كيف تجدك؟ قال: فجعلت أطوف بين القتلى، فأتيته وهو بآخر رمق، وفيه سبعون ضربة ما بين طعنة برمح، وضربة بسيف، ورمية بسهم، فقلت يا سعد، إن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقرأ عليك السلام. ويقول لك أخبرني كيف تجدك؟ فقال: وعلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، قل له يا رسول اللَّه أجد ريح الجنة، وقل لقومي الأنصار لا عذر لكم عند اللَّه إن خلص إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وفيكم عين تطرف، وفاضت نفسه من وقته. ووجدوا في الجرحى الأصيرم - عمرو بن ثابت - وبه رمق يسير، وكانوا من قبل يعرضون عليه الإِسلام فيأباه، فقالوا: إن هذا الأصيرم ما جاء به؟ لقد تركناه وإنه لمنكر لهذا الأمر، ثم سألوه ما الذي جاء بك؟ أحدب على قومك، أم رغبة في الإِسلام؟ فقال: بل رغبة في الإِسلام، آمنت باللَّه ورسوله، ثم قاتلت مع رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم حتى أصابني ما ترون، ومات من وقته، فذكروه لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فقال: هو من أهل الجنة. قال أبو هريرة ولم يصل للَّه صلاة قط. ووجدوا في الجرحى قزمان - وكان قد قاتل قتال الأبطال، قتل وحده سبعة أو ثمانية من المشركين - وجدوه قد أثبتته الجراحة، فاحتملوه إلى دار بني ظفر، وبشره المسلمون فقال: واللَّه إن قاتلت إلا عن أحساب قومي، ولولا ذلك ما قتلت فلما اشتد به الجراح نحر نفسه. وكان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول، إذا ذكر له إنه من أهل النار - وهذا هو مصير المقاتلين في سبيل الوطنية أو في أي سبيل سوى إعلاء كلمة اللَّه، وإن قاتلوا تحت لواء الإِسلام، بل وفي جيش الرسول والصحابة. وعلى عكس من هذا كان في القتلى رجل من يهود بني ثعلبة، قال لقومه يا معشر يهود واللَّه لقد علمتم أن نصر محمد عليكم حق. قالوا: إن اليوم يوم السبت. قال: لا سبت لكم. فأخذ سيفه وعدته، وقال: إن أصبت فمالي لمحمد. يصنع فيه ما شاء، ثم غدا فقاتل حتى قتل. فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مخيريق خير يهود. كلام الخريطة ص -. خريطة غزوة أحد جبل أحد جبل أحد معسكر الجيش الإِسلامي أول موقع المعركة معسكر الجيش المكي جبل أحد الوضع الذي جرح فيه النبي صلى الله عليه وسلم خيالة خالد تطوق المسلمين طريق خيالة خالد بن الوليد جبل الرماة الطريق الذي شقه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الشعب خيالة خالد تطوق المسلمين 1. الطريق الذي فاء منه 2. من فاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم 3. الطريق الذي فر منه المنهزمون 4. إلى هضاب أحد بعد الانتكاسة 5. الطريق الذي فرمنه المنهزمون 6. إلى المدينة بعد الانتكاسة جمع الشهداء ودفنهم: وأشرف رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على الشهداء فقال: أنا شهيد على هؤلاء، إنه ما من جريح يجرح في اللَّه إلا واللَّه يبعثه يوم القيامة، يدمي جرحه، اللون لون الدم، والريح ريح المسك. وكان أناس من الصحابة قد نقلوا قتلاهم إلى المدينة، فأمر أن يردوهم فيدفنوهم في مضاجعهم وأن لا يغسلوا، وأن يدفنوا كما هم بثيابهم بعد نزع الحديد والجلود وكان يدفن الاثنين والثلاثة في القبر الواحد، ويجمع بين الرجلين في ثوب واحد، ويقول أيهم أكثر أخذا للقرآن؟ فإذا أشاروا إلى رجل قدمه في اللحد، وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة. ودفن عبد اللَّه بن عمروبن حرام، وعمرو بن الجموح في قبر واحد لما كان بينهما من المحبة. وفقدوا نعش حنظلة، فتفقدوه فوجدوه في ناحية فوق الأرض يقطر منه الماء فأخبر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أصحابه أن الملائكة تغسله، ثم قال: سلوا أهله ما شأنه؟ فسألوا امرأته، فأخبرتهم الخبر. ومن هنا سمي حنظلة غسيل الملائكة. ولما رأى ما بحمزة - عمه وأخيه من الرضاعة - اشتد حزنه، وجاءت عمته صفية تريد أن تنظر أخاها حمزة، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ابنها الزبير أن يصرفها، لا ترى ما بأخيها، فقالت: ولم؟ وقد بلغني أنه قد مثل بأخي. وذلك في اللَّه فما أرضانا بما كان من ذلك. لأحتسبن ولأصبرن إن شاء اللَّه. فأتته فنظرت إليه فصلت عليه - دعت له - واسترجعت واستغفرت له. ثم أمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بدفنه مع عبد اللَّه بن جحش - وكان ابن أخته، وأخاه من الرضاعة. قال ابن مسعود ما رأينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم باكياً قط أشد من بكائه على حمزة بن عبد المطلب. وضعه في القبلة، ثم وقف على جنازته، وانتحب حتى نشع من البكاء - والنشع الشهيق. وكان منظر الشهداء مريعاً جداً يفتت الأكباد. قال خباب: (إن) حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء، إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه، وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه، وجعل على قدميه الإذخر. وقال عبد الرحمن بن عوف قتل مصعب بن عمير وهو خير مني، وكفن في بردة إن غطى رأسه بدت رجلاه، وإن غطى رجلاه بدا رأسه، وروي مثل ذلك عن خباب، وفيه فقال لنا النبي صلى الله عليه وسلم غطوا بها رأسه واجعلوا على رجله الإذخر. الرسول صلى الله عليه وسلم يثني على ربه عز وجل ويدعوه: روى الإمام أحمد، لما كان يوم أحد وانكفأ المشركون، قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم استووا حتى أثني على ربي عز وجل، فصاروا خلفه صفوفاً، فقال: اللهم لك الحمد كله، اللهم لا قابض لما بسطت، ولا باسط لما قبضت، ولا هادي لمن أضللت، ولا مضل لمن هديت، ولا معطي لما منعت، ولا مانع لما أعطيت ولا مقرب لما باعدت، ولا مبعد لما قربت. اللهم ابسط علينا من بركاتك ورحمتك وفضلك ورزقك. اللهم إني أسألك النعيم المقيم، الذي لا يحول ولا يزول. اللهم إني أسألك العون يوم العيلة. والأمن يوم الخوف. اللهم إني عائذ بك من شر ما أعطيتنا وشر ما منعتنا. اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا. وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين. اللهم توفنا مسلمين وأحينا مسلمين، وألحقنا بالصالحين غير خزايا ولا مفتونين، اللهم قاتل الكفرة الذين يكذبون رسلك، ويصدون عن سبيلك، واجعل عليهم رجزك وعذابك. اللهم قاتل الكفرة الذين أوتوا الكتاب إله الحق. الرجوع إلى المدينة، ونوادر الحب والتفاني ولما فرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من دفن الشهداء والثناء على اللَّه والتضرع إليه انصرف راجعاً إلى المدينة، وقد ظهرت له نوادر الحب والتفاني من المؤمنات الصادقات، كما ظهرت من المؤمنين في أثناء المعركة. لقيته في الطريق حمنة بنت جحش، فنعى إليها أخاها عبد اللَّه بن جحش فاسترجعت واستغفرت له، ثم نعى لها خالها حمزة بن عبد المطلب، فاسترجعت واستغفرت، ثم نعي لها زوجها مصعب بن عمير، فصاحت وولولت، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إن زوج المرأة منها لبمكان. ومر بامرأة من بني دينار، وقد أصيب زوجها وأخوها وأبوها بأحد، فلما نعوا لها قالت: فما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا: خير يا أم فلان، هو بحمد اللَّه كما تحبين، قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير إليها حتى إذا رأته قالت: كل مصيبة بعدك جلل، تريد صغيرة. وجاءت إليه أم سعد بن معاذ تعدو، وسعد آخذ بلجام فرسه، فقال: يا رسول اللَّه أمي، فقال: مرحباً بها، ووقف لها، فلما دنت عزاها بابنها عمرو بن معاذ. فقالت: أما إذ رأيتك سالماً، فقد اشتويت المصيبة (أي استقللتها) ثم دعا لأهل من قتل بأحد وقال: يا أم سعد أبشري وبشري أهلهم أن قتلاهم ترافقوا في الجنة جميعاً، وقد شفعوا في أهلهم جميعاً. قالت: رضينا يا رسول اللَّه، ومن يبكي عليهم بعد هذا؟ ثم قالت: يا رسول اللَّه، ادع لمن خلفوا منهم، فقال: اللهم أذهب حزن قلوبهم، واجبر مصيبتهم، واحسن الخلف على من خلفوا. الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة: وانتهى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم مساء ذلك اليوم، يوم السبت السابع من شهر شوال سنة 3هـ إلى المدينة فلما انتهى إلى أهله ناول سيفه ابنته فاطمة، فقال: اغسلي عن هذا دمه يا بنية، فواللَّه لقد صدقني اليوم، وناولها علي بن أبي طالب سيفه، فقال: وهذا أيضاً فاغسلي عنه دمه، فواللَّه لقد صدقني اليوم، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : لئن كنت صدقت القتال. لقد صدق معك سهل بن حنيف وأبو دجانة. قتلى الفريقين: اتفقت جل الروايات على أن قتلى المسلمين كانوا سبعين، وكانت الأغلبية الساحقة من الأنصار، فقد قتل منهم خمسة وستون رجلاً، واحد وأربعون من الخزرج وأربع وعشرون من الأوس، وقتل رجل من اليهود وأما شهداء المهاجرين فكانوا أربعة فقط. وأما قتلى المشركين فقد ذكر ابن إسحاق أنهم اثنان وعشرون قتيلاً، ولكن الإحصاء الدقيق - بعد تعميق النظر في جميع تفاصيل المعركة التي ذكرها أهل المغازي والسير، والتي تتضمن ذكر قتلى المشركين في مختلف مراحل القتال - يفيد أن عدد قتلى المشركين سبعة وثلاثون، لا اثنان وعشرون واللَّه أعلم. حالة الطوارىء في المدينة: بات المسلمون في المدينة - ليلة الأحد الثامن من شهر شوال سنة 3هـ بعد الرجوع عن معركة أحد - وهم في حالة الطوراىء، باتوا - وقد أنهكهم التعب، ونال منهم أي منال - يحرسون أنقاب المدينة ومداخلها، ويحرسون قائدهم الأعلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم خاصة. إذ كانت تتلاحقهم الشبهات من كل جانب. غزوة حمراء الأسد: وبات الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يفكر في الموقف، فقد كان يخاف أن المشركين إن فكروا في أنهم لم يستفيدوا شيئاً من النصر والغلبة التي كسبوها في ساحة القتال، فلا بد من أن يندموا على ذلك، ويرجعوا من الطريق لغزو المدينة مرة ثانية، فصمم على أن يقوم بعملية مطاردة الجيش المكي. قال أهل المغازي ما حاصله إن النبي صلى الله عليه وسلم نادى في الناس، وندبهم إلى المسير إلى لقاء العدو - وذلك صباح الغد من معركة أحد، أي يوم الأحد الثامن من شهر شوال سنة 3هـ - وقال: لا يخرج معنا إلا من شهد القتال، فقال له عبد اللَّه بن أبي أركب معك؟ قال: لا، واستجاب له المسلمون على ما بهم من الجرح الشديد، والخوف المزيد. وقالوا: سمعاً وطاعةً، واستأذنه جابر بن عبد اللَّه، وقال: يا رسول اللَّه، إني أحب أن لا تشهد مشهداً إلا كنت معك، وإنما خلفني أبي على بناته، فأذن لي، أسير معك، فأذن له.. وسار رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم المسلمون معه حتى بلغوا حمراء الأسد على بعد ثمانية أميال من المدينة فعسكروا هناك. وهناك أقبل معبد بن أبي معبد الخزاعي إلى رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فأسلم - ويقال: بل كان على شركه، ولكنه كان ناصحاً لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم لما كان بين خزاعة وبني هاشم من الحلف، فقال: يا محمد، أما واللَّه لقد عز علينا ما أصابك في أصحابك، ولوددنا أن اللَّه عافاك - فأمره رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم أن يلحق أبا سفيان فيخذله. ولم يكن ما خافه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من تفكير المشركين في العودة إلى المدينة إلا حقاً، فإنهم لما نزلوا بالروحاء على بعد ستة وثلاثين ميلاً من المدينة تلاوموا فيما بينهم، وقال بعضهم لبعض لم تصنعوا شيئاً، أصبتم شكوتهم وحدهم، ثم تركتموهم، وقد بقي منهم رؤوس يجمعون لكم، فارجعوا حتى نستأصل شأفتهم. ويبدو أن هذا الرأي جاء سطحياً ممن لم يكن يقدر قوة الفريقين، ومعنوياتهم تقديراً صحيحاً، ولذلك خالفهم زعيم مسؤول هو صفوان بن أمية قائلاً يا قوم، لا تفعلوا فإني أخاف أن يجمع عليكم من تخلف من الخروج - أي من المسلمين في غزوة أحد - فارجعوا والدولة لكم، فإني لا آمن إن رجعتم أن تكون الدولة عليكم. إلا أن هذا الرأي رفض أمام رأي الأغلبية الساحقة، وأجمع جيش مكة على المسير نحو المدينة، ولكن قبل أن يتحرك أبو سفيان بجيشه من مقره لحقه معبد بن أبي معبد الخزاعي، ولم يكن يعرف أبو سفيان بإسلامه، فقال: ما وراءك يا معبد؟ فقال معبد - وقد شن عليه حرب أعصاب دعائية عنيفة - محمد، قد خرج في أصحابه، يطلبكم في جمع لم أر مثله قط، يتحرقون عليكم تحرقاً، قد اجتمع معه من كان تخلف عنه في يومكم، وندموا على ما ضيعوا، فيهم من الحنق عليكم شيء لم أر مثله قط. قال أبو سفيان ويحك ما تقول؟ قال: واللَّه ما أرى أن ترتحل حتى ترى نواصي الخيل - أو - حتى يطلع أول الجيش من وراء هذه الأكمة. فقال أبو سفيان واللَّه لقد أجمعنا الكرة عليهم لنستأصلهم. قال: فلا تفعل، فإني ناصح. وحينئذ انهارت عزائم الجيش المكي، وأخذه الفزع والرعب، فلم ير العافية إلا في مواصلة الانسحاب والرجوع إلى مكة. بيد أن أبا سفيان قام بحرب أعصاب دعائية ضد الجيش الإسلامي، لعله ينجح في كف هذا الجيش عن مواصلة المطاردة. وطبعاً فهو ينجح في الاجتناب عن لقائه. فقد مر به ركب من عبد القيس يريد المدينة، فقال: هل أنتم مبلغون عني محمداً رسالة، وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيباً بعكاظ إذا أتيتم إلى مكة؟ قالوا: نعم. قال: فأبلغوا محمداً أنا قد أجمعنا الكرة؛ لنستأصله ونستأصل أصحابه. فمر الركب برسول اللَّه صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم بحمراء الأسد فأخبرهم بالذي قاله أبو سفيان، وقالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم، فزادهم - أي زاد المسلمين قولهم ذلك - إيماناً وقالوا: {حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ * فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ} [آل عمران: 173-174>. أقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بحمراء الأسد بعد مقدمه يوم الأحد الاثنين والثلاثاء والأربعاء - 9/10/11 شوال سنة 3هـ، ثم رجع إلى المدينة وأخذ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قبل الرجوع إلى المدينة أبا عزة الجمحي وهو الذي كان قد منَّ عليه من أسارىبدر؛ لفقره وكثرة بناته على أن لا يظاهر عليه أحداً، ولكنه نكث وغدر، فحرض الناس بشعره على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين كما أسلفنا، وخرج لمقاتلتهم في أحد - فلما أخذه رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: يا محمد أقلني، وامنن علي، ودعني لبناتي، وأعطيك عهداً أن لا أعود لمثل ما فعلت، فقال صلى الله عليه وسلم لا تمسح عارضيك بمكة بعدها وتقول خدعت محمداً مرتين، لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين، ثم أمر الزبير أو عاصم بن ثابت فضرب عنقه. كما حكم بالإعدام في جاسوس من جواسيس مكة، وهو معاوية بن المغيرة بن أبي العاص جد عبد الملك بن مروان لأمه، وذلك أنه لما رجع المشركون يوم أحد جاء معاوية هذا إلى ابن عمه عثمان بن عفان رضي اللَّه عنه، فاستأمن له عثمان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، فأمنه على أنه إن وجد بعد ثلاث قتله. فلما خلت المدينة من الجيش الإسلامي أقام فيها أكثر من ثلاث يتجسس لحساب قريش، فلمارجع الجيش خرج معاوية هارباً، فأمر رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة وعمار بن ياسر، فتعقباه حتى قتلاه. ومما لا شك فيه أن غزوة حمراء الأسد ليست بغزوة مستقلة، إنما هي جزء من غزوة أحد وتتمة لها، وصفحة من صفحاتها. تلك هي غزوة أحد بجميع مراحلها وتفاصيلها، وطالما بحث الباحثون حول مصير هذه الغزوة، هل كانت هزيمة أم لا؟ والذي لا يشك فيه أن التفوق العسكري في الصفحة الثانية من القتال كان للمشركين، وأنهم كانوا مسيطرين على ساحة القتال، وأن خسارة الأرواح والنفوس كانت في جانب المسلمين أكثر وأفدح وأن طائفة من المؤمنين انهزمت قطعاً، وأن دفة القتال جرت لصالح الجيش المكي، لكن هناك أموراً تمنعنا أن نعبر عن كل ذلك بالنصر والفتح. فمما لا شك فيه أن الجيش المكي لم يستطع احتلال معسكر المسلمين، وأن المقدار الكبير من الجيش المدني لم يلتجىء إلى الفرار - مع الارتباك الشديد والفوضى العامة - بل قاوم بالبسالة حتى تجمع حول مقر قيادته، وأن كفته لم تسقط إلى حد أن يطارده الجيش المكي، وأن أحداً من جيش المدينة لم يقع في أسر الكفار، وأن الكفار لم يحصلوا على شيء من غنائم المسلمين، وأن الكفار لم يقوموا إلى الصفحة الثالثة من القتال مع أن جيش المسلمين لم يزل في معسكره، وأنهم لم يقيموا بساحة القتال يوماً أو يومين أو ثلاثة أيام - كما هو دأب الفاتحين في ذلك الزمان - بل سارعوا إلى الانسحاب وترك ساحة القتال قبل أن يتركها المسلمون، ولم يجترئوا على الدخول في المدينة لنهب الذراري والأموال مع أنها على بعد خطوات فحسب، وكانت مفتوحة وخالية تماماً. كل ذلك يؤكد لنا أن ما حصل لقريش لم يكن أكثر من أنهم وجدوا فرصة نجحوا فيها بإلحاق الخسائر الفادحة بالمسلمين، مع الفشل فيما كانوا يهدفون إليه من إبادة الجيش الإسلامي بعد عمل التطويق - وكثيراً ما يلقى الفاتحون بمثل هذه الخسائر التي نالها المسلمون - أما أن ذلك كان نصراً وفتحاً فكلا وحاشا. بل يؤكد لنا تعجيل أبي سفيان في الانسحاب والانصراف؛ أنه كان يخاف على جيشه المعرة والهزيمة لو جرت صفحة ثالثة من القتال، ويزداد ذلك تأكداً حين ننظر إلى موقف أبي سفيان من غزوة حمراء الأسد. وإذن فهذه الغزوة إنما كانت حرباً غير منفصلة، أخذ كل فريق بقسطه ونصيبه من النجاح والخسارة، ثم حاد كل منهما عن القتال، من غير أن يفر عن ساحة القتال ويترك مقره لاحتلال العدو، وهذا هو معنى الحرب غير المنفصلة. وإلى هذا يشير قوله تعالى: {وَلا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لا يَرْجُونَ} [النساء: 104> فقد شبه أحد العسكرين بالآخر في التألم وإيقاع الألم، مما يفيد أن الموقفين كانا متماثلين، وأن الفريقين رجعا وكل غير غالب. القرآن يتحدث حول موضوع المعركة: ونزل القرآن يلقي ضوءاً على جميع المراحل المهمة من هذه المعركة مرحلة مرحلة ويدلي بتعليقات تصرح بالأسباب التي أدت إلى هذه الخسارة الفادحة، وأبدى النواحي الضعيفة التي لم تزل موجودة في طوائف أهل الإيمان بالنسبة إلى واجبهم في مثل هذه المواقف الحاسمة، وبالنسبة إلى الأهداف النبيلة السامية التي أنشأت للحصول عليها هذه الأمة التي تمتاز عن غيرها بكونها خير أمة أخرجت للناس. كما تحدث القرآن عن موقف المنافقين، ففضحهم، وأبدى ما كان في باطنهم من العداوة للَّه ولرسوله مع إزالة الشبهات والوساوس التي كانت تختلج بقلوب ضعفاء المسلمين، والتي كان يثيرها هؤلاء المنافقون وإخوانهم اليهود - أصحاب الدس والمؤامرة - وقد أشار إلى الحكم والغايات المحمودة التي تمخضت عنها هذه المعركة. نزلت حول موضوع المعركة ستون آية من سورة آل عمران تبتدىء بذكر أول مرحلة من مراحل المعركة: {وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقَاعِدَ لِلْقِتَالِ} [آل عمران: 121> وتترك في نهايتها تعليقاً جامعاً على نتائج هذه المعركة وحكمتها قال تعالى: {مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} [آل عمران: 179>. الحكم والغايات المحمودة في هذه الغزوة قد بسط ابن القيم الكلام على هذا الموضوع بسطاً تاماً وقال ابن حجر قال العلماء وكان في قصة أحد وما أصيب به المسلمون فيها من الفوائد والحكم الربانية أشياء عظيمة منها تعريف المسلمين سوء عاقبة المعصية، وشؤم ارتكاب النهي، لما وقع من ترك الرماة موقفهم الذي أمرهم الرسول صلى الله عليه وسلم أن لا يبرحوا منه. ومنها أن عادة الرسل أن تبتلى وتكون لها العاقبة، والحكمة في ذلك أنهم لو انتصروا دائماً دخل في المؤمنين من ليس منهم، ولم يتميز الصادق من غيره ولو انكسروا دائماً لم يحصل المقصود من البعثة، فاقتضت الحكمة الجمع بين الأمرين لتمييز الصادق من الكاذب، وذلك أن نفاق المنافقين كان مخفياً عن المسلمين. فلما جرت هذه القصة، وأظهر أهل النفاق ما أظهروه من الفعل والقول عاد التلويح تصريحاً، وعرف المسلمون أن لهم عدواً في دورهم، فاستعدوا لهم وتحرزوا منهم. ومنها أن في تأخير النصر في بعض المواطن هضماً للنفس، وكسراً لشماختها، فلما ابتلى المؤمنون صبروا وجزع المنافقون. ومنها أن اللَّه هيأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته لا تبلغها أعمالهم، فقيض لهم أسباب الاستيلاء، والمحن ليصلوا إليها. ومنها أن الشهادة من أعلى مراتب الأولياء فساقها إليهم، ومنها أنه أراد إهلاك أعدائه، فقيض لهم الأسباب التي يستوجبون بها ذلك من كفرهم وبغيهم وطغيانهم في أذى أوليائه. فمحص بذلك ذنوب المؤمنين، ومحق بذلك الكافرين. | |
|
Abdallah 29 المشرف العـــام
الـجنسـﮯ : عدد المساهماﭞ : 33 اڷعمر : 31 البلد : الاردن الهواية : لا يوجد النـقاط : 43 تاريخ التسجيل : 06/03/2011
| موضوع: رد: بداية تجمع الصحابة حول الرسول صلى الله عليه وسلم الأربعاء مايو 08, 2013 12:28 pm | |
| | |
|