بعد
وفاه عم الرسول صلى الله عليه و سلم و زوجته خديجة بنت خويلد , أصبح
الرسول صلى الله عليه و سلم حزيناً بالإضافة إلى عدم توفيقه فى هداية
قبيله ثقيف بالطائف و عودته إلى مكة , تجلت قدره الله تعالى فى إرادته أن
يعوض الرسول صلى الله عليه و سلم و أن يزيل آلامه و أحزانه بهذة الرحلة
الخالدة التى رأى فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم من الآيات و العجائب
ما لم تراة عين و لم يخطر على قلب بشر , فأسرى به سبحانه فى ليله السابع و
العشرين من شهر رجب جسداً و روحاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى
ببيت المقدس و صلى صلى الله عليه و سلم بالأنبياء جميعاً ثم صُعد به صلى
الله عليه و سلم إلى السماء العليا حتى سدرة المنتهى عندها جنة المأوى , و
قد رأى نتيجة الأعمال الخيرية فى الجنة و نتيجة الأعمال السيئة فى النار ,
و فى هذة الليلة فُرضت الصلوات الخمس على المسلمين و رأى الرسول صلى الله
عليه و سلم فى هذة الرحلة الرائعة الجنة و النار و الملائكة ساجدين عابدين
لله تعالى عز و جل و رأى الرسول صلى الله عليه و سلم الأنبياء جميعهم و
رأى جبريل فى صورة ملك مرة اخرى عند سدرة المنتهى ووصل إلى مرحله لم يصل
لها إنسان من قبل ثم توقف جبريل عند مكانه هذا و قال : تقدم يا محمد فإنى
لو تقدمت لأحترقت و رأى محمد صلى الله عليه و سلم نور الله الكريم , يقول
رسول الله صلى الله عليه و سلم و هو يوصف سدرة المنتهى عندما تجلاها نور
الله الكريم : سارت السدرة من الحُسن و من الجمال ما لا يستطيع بشر أن
يصفة و فى هذا المكان تحدث محمد صلى الله عليه و سلم مع ربه عز و جل بدون
حجاب ولا ترجمان , و لما عاد الرسول صلى الله عليه و سلم إلى الأرض أخبر
قومه بما حدث له فى هذة الليلة , فأستهزءت به قريش و قالت إنة لمجنون أو
ساحر , و أتهموه صلى الله عليه و سلم بالسحر و الكهانه و قالوا له إذا كنت
ذهبت بالفعل إلى المسجد الأقصى فى ليلة فأوصفة لنا , فوضع الله تعالى
المسجد الأقصى أما عين النبى صلى الله عليه و سلم وحده يرى و يشرح للكفار
كل شىء موجود به , ثم أنه أكد لهم انه ذهب إلى المسجد الأقصى بوصفه صلى
الله عليه و سلم لهم قافلة تجارية عائدة من الشام و قال لهم انها سوف تعود
بعد ثلاث ايام و عادت القافلة فعلاً , ثم ذهب الكفار إلى أبى بكر الصديق
رضي الله عنهو أخبروه بما حدث و قالوا له : أرءيت يا أبا بكر ما يقول
صاحبك , فهل تصدقه بعد اليوم ؟ فقال ابى بكر رضي الله عنهقولته المشهوره :
لقد صدقت رسول الله صلى الله عليه و سلم فى أكبر من ذلك , لقد صدقته فى
نزول الوحى إليه من السماء , أفلا اصدقه فى ذلك , و من هنا سُمى أبى بكر
رضي الله عنهبالصديق , ثم بعد ذلك علم الناس و صدقوا أنه بالفعل أُسرى
بالرسول صلى الله عليه و سلم من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى و أُعرج
به إلى السماء .